إعادة فرض العقوبات على إيران: اكتشف آلية “سناب باك” وتأثيراتها المتوقعة

قررت الدول الأوروبية الثلاث، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، تفعيل العقوبات الدولية على إيران باستخدام آلية “سناب باك”، مدعية أن طهران لم تلتزم ببنود الاتفاق النووي، هذه الخطوة تأتي في سياق تغيرات سياسية معقدة تشهدها المنطقة، حيث تصاعدت المخاوف من أنشطة إيران النووية.
يتضمن الاتفاق النووي الإيراني، المعروف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة” (JCPOA)، دول الترويكا الأوروبية إلى جانب الصين وروسيا وتم الانسحاب الأمريكي من الاتفاق في عام 2018، منذ ذلك الحين ازداد التوتر بين إيران وخصومها، مما أثار العديد من التساؤلات حول مستقبل التفاهمات الدولية.
تعمل آلية “سناب باك” على إعادة فرض عقوبات دولية بشكل تلقائي عند خرق إيران لبنود الاتفاق، ويتم ذلك دون الحاجة إلى تصويت في مجلس الأمن، ما يمنع استخدام حق النقض من قبل الصين أو روسيا، ويعزز من إمكانية تطبيق العقوبات بطريقة أسرع وأكثر فعالية.
عقب تفعيل “سناب باك”، سيقوم مجلس الأمن بالتصويت على قرار يتعلق بتمديد رفع العقوبات على إيران خلال ثلاثين يوماً، إذ يشترط أن يحصل القرار على موافقة تسعة أعضاء، بينما من الممكن أن يؤثر استخدام حق النقض من الدول الخمس الدائمة العضوية على سير الأمور.
إذا فشل مجلس الأمن في تمرير القرار الخاص بتمديد رفع العقوبات، ستعود جميع العقوبات الأممية إلى حيز التنفيذ تلقائياً بحلول نهاية سبتمبر، ويتوجب على المجلس النظر في خيارات بديلة لتفادي هذا السيناريو، مما قد يزيد من حدة التوتر السياسي.
تشمل العقوبات المعادة كافة التدابير التي تم إقرارها في ستة قرارات بين 2006 و2010، مثل حظر الأسلحة ومنع إيران من تخصيب اليورانيوم وتقييد أنشطتها المتعلقة بالصواريخ الباليستية، إضافة إلى تجميد الأصول الإيرانية وفرض قيود سفر على أفراد كيانات إيرانية.
ستتمكن الدول الأعضاء من تفتيش شحنات الخطوط الإيرانية بحثاً عن مواد محظورة، الخطوة تستهدف تعزيز الجهود الرامية لمنع انتشار الأسلحة النووية، وإظهار الجدية الدولية في التعامل مع الأنشطة الإيرانية المحتملة التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي.
عرَضت الدول الأوروبية الثلاث إمكانية تمديد العقوبات لفترة محدودة، وذلك لإتاحة وقت إضافي للمفاوضات وإمكانية التوصل إلى اتفاق جديد، وفي حال وافقت إيران، سيحتاج ذلك إلى قرار جديد من مجلس الأمن بما يضمن المصالح الطرفين.
في تطور غير متوقع، تقدمت روسيا والصين بمشروع قرار لمجلس الأمن لتمديد الاتفاق النووي حتى 18 أبريل 2026، ومع ذلك يتضمن النص بنداً يمنع تفعيل العقوبات، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز موقفهما في ضوء الضغوط الدولية المتزايدة.
ينص الاتفاق النووي لعام 2015 على أن إيران ستتعامل مع أي إعادة فرض للعقوبات كسبب للتوقف عن تنفيذ التزاماتها، وذلك يعكس حجم الضغوط التي تواجهها البلاد، وفي هذا السياق تشدد الدول الغربية على عدم وجود مبرر لزيادة إيران تخصيب اليورانيوم.
تؤكد إيران أن برنامجها النووي ذو طبيعة سلمية، بينما تثير دول الغرب الشكوك حول نياتها، من ناحية أخرى، لم تسمح طهران لوكالة الطاقة الذرية بدخول منشآت التخصيب، مما يزيد من تعقيد الموقف ويدفع نحو المزيد من الضغط الدولي.
ترى كل من روسيا والصين أن الترويكا الأوروبية لم تلتزم بآلية تسوية النزاعات، وتؤكد موسكو وبكين أن لا حق للدول الأوروبية في تفعيل العقوبات، وذلك بسبب عدم الالتزام بالتعهدات المنصوص عليها في الاتفاق، ما يعكس حدود القوة والنفوذ في الساحة الدولية.
على الرغم من قدرة روسيا والصين على استخدام حق النقض إلا أنهما لا يمكنهما منع إعادة العقوبات بشكل تلقائي، إلا أنهما بإمكانهما الامتناع عن تنفيذها ومواجهة أي عقوبات قد تفرض عليهما، مما يوفر لهما مجالاً للمناورة في المواقف السياسية المقبلة.
بهذا الوضع المعقد، يتعين على المجتمع الدولي مراقبة الوضع بدقة، فاللعبة السياسية لا تتعلق فقط بإعادة فرض العقوبات بل بمستقبل الاستقرار الإقليمي والدولي وعواقب هذه الخطوات على السلم العالمي.